الإمارات واحدة من أكثر الدول التي تتركز فيها المدارس الخاصة في العالم، ومع ذلك نحو 8% من الأطفال هم في مكان مدرسي خارج اختيارهم أو حتى أنهم بدون مكان دراسي نهائيا.

خبير الدراسة الخاصة كليف باور يحسب عدد الأطفال الذين هم بدون مكان للدراسة  في مركزه للدروس الخصوصية ، يرفع عينيه إلى السقف بينما هو يقوم بالحساب في عقله.

“من بين الـ200 طالب المشتركين لدينا في هذه اللحظة، فإن من 10 إلى 15 يا إما غير ملتحقين بمدرسة أو يناضلون من أجل دخول المدرسة التي قاموا باختيارها” كما يقول مؤسس مركز باور للتعليم الخصوصي، وهو مركز للدروس الخصوصية لما بعد الدوام المدرسي في قرية المعرفة بدبي والتي افتتحت في 2006.

“إنه لأمر متكرر الحدوث أن يصل الناس إلى دبي ولا يكون لديهم مكان في المدارس التي يريدونها لأبنائهم حيث ينتهي الأمر بأولياء الأمور بالمساومة والقبول بما هو متاح لأن المدارس الأفضل ممتلئة.”

قم بحسابات بسيطة مستخدما نموذج السيد باور ويُحتمل أت تجد 8% من أطفال دبي إما أنهم في مدارس خارج اختيارهم أو حتى بدون مكان في المدرسة نهائيا.

بينما ان هذا السيناريو ليس فريدا من نوعه – فإن ابو ظبي تواجه مشكلة مماثلة – فمن غير المألوف عالميا بالتأكيد أن تكون الأنظمة التعليمية عموما ضامنة مكان لكل الأطفال.

سبب التفاوت بسيط. الإمارات واحدة من أكثر الدول التي تتركز فيها المدارس الخاصة في العالم لأن نظام الدولة  غي ملبٍ لاحتياجات الأطفال المغتربين.

وذلك هو السبب وراء انتهائها بما يسميه الخبراء “الهرم المعكوس” من الطلب  حيث يسعى لتامين أماكن في مدارس القمة.

القضية تمت مناقشتها نقاشا ساخنا في حلقة نقاش تمت استضافتها بواسطة موقع مقارنات الأسعار سوق المال – Souqalmal.com – الأسبوع الماضي والذي قام بدعوة مديري ومالكي المدارس سويا مع أولياء الامور لاستكشاف المخاوف بشأن القبول في المدارس.

الرئيس التنفيذي لموقع سوق المال – Souqalmal، أمبرين موسى، دفعت إلى عقد هذا الحدث بعد كفاح من أجل تأمين مكان مدرسي لابنتها البالغة من العمر 21 شهرا، رانيا.

قامت السيدة موسى بالتسجيل أولا في نهاية العام الماضي، واكتشفت سريعا أن قائمة الانتظار لعام 2014 في المدارس الأكثر رواجا قد امتلأت.

وكاستجابة لذلك، قامت صاحبة المشروع بتقديم دليل للمدارس والحضانات الإماراتية على موقع سوق المال – Souqalmal.com لمساعدة أولياء الأمور في الحصول على المؤسسة المناسبة.

وفي رأي السيدة موسى، فإن أهم عامل في الدليل هو تفصيل متى تفتح المدارس أبوابها للتسجيل. لأن، وبينما المدارس الخاصة تتبع قوانين محددة وضعتها سلطة التعليم الخاصة بتلك المدارس، فإن كيفية إدارتهم لنظامهم الداخلي تبقى محصورة بينهم بصفة كبيرة.

ذلك يعني أن مختلف المدارس تفتح باب التسجيل في أوقات مختلفة، بعضها يفتح لخمس سنين مسبقا، مجبرا اولياء الأمور على التسجيل عدة مرات لتأمين المكان. مع فرض معظم المدارس في دبي وأبو ظبي لرسوم تسجيل تصل إلى 500 درهم، مما قد تكون عملية مكلفة.

صرف أنيل بويرول، وهو مدير تحرير مجلة وأب لطفلين بعمر عام وثلاثة أعوام 4000 درهم رسوم تسجيل مكان لطفله هذا العام في ثماني مدارس في دبي.

“حاولت إيجاد مكان لاول مرة في 2010 ولثلاثة أعوام لم نحصل على مكان في أي مكان ولا أمل في الحصول عليه. لكن لا أحد يمكنه أن يخبرني ماذا فعلوا باموالي.”

“منذ ذلك الحين سمعت بوجود بعض هذه المدارس أن هناك نحو 1600 شخصا قبلنا. ليس عندي مشكلة في دفع المال لكن ما لا أحبه أن أبقى لثلاث سنوات لاحقة لا أملك أية فرصة.”

في حين أن بعض المدارس بدأت مؤخرا في فرض رسوم بسبب، كما يقرون، أنهم أدركوا أنهم يفتقدون عنصرا مربحا من عناصر الدخل، فإن المصيدة هنا أن الطفل إذا لم يحصل على المكان فإن أموال الرسوم لا يتم استردادها مرة أخرى.

نظام الرسوم الذي وضعته السلطات التعليمية في دبي وأبو ظبي، وبدون قصد يسمح للمدارس عديمة الضمير بأخذ أموال أولياء الأمور وهم يعلمون تمام العلم بعدم وجود مكان متاح.

“الأمر غير أخلاقي،” كما يقول كليف بيريبونت، مدير الاتصالات في مدارس التعليم، والتي تدير 10 مدارس في دبي وأبو ظبي للأطفال من عمر سنتين إلى 18. “لن نأخذ أية أموال حتى تكون هناك فرصة.”

وفقا لخبراء التعليم على الطاولة المستديرة، فإن 500 درهم تجعل الطلب حيا، تضع اسم الطفل على قائمة الانتظار وتغطي تكلفة تقييم الطفل.

ما يحدث بعد ذلك يرجع إلى المدرسة.

جوناثان برايس، مدير مدرسة جبل علي الابتدائية في دبي، قام مؤخرا بعرض اماكن للعام الدراسي 2014 للصف الثاني التأسيسي – بادئا بأقرب طلب مقدم في 2010.

“نحن مدرسة ذات سمعة جيدا ولدينا أطفال مسجلين من قبل ولادتهم مما يعطيك فكرة عن هذه الضجة” كما يقول السيد برايس.

تخصص مدرسته الأماكن حسب الترتيب الزمني، مع مراعاة الجنس والخلفية الثقافية لضمان توازن الفصول. مثل معظم المدارس، يحصل الأشقاء على الأفضلية.

“لدينا 96 مكانا متاحا في 2014 و56 أخذوا عن طريق الأشقاء، ما يعني أن ما يقرب من ثلثي العدد قد ذهب،” كما يقول.

بالنسبة لمن لا يملك ميزة الأشقاء، فإن سباق المكان يستمر. مع 154 مدرسة في دبي، والمزيد من المدارس في الأفق لتغطي نسبة السكان التي يُتوقع أن تزداد إلى الضعف في 2020، و183 مدرسة خاصة في ابو ظبي تخدم نحو 185,000 تلميذ، فإن قوائم الانتظار تصبح خفيفة.

“يناضل أولياء الامور في دبي وأبو ظبي لإلحاق أطفالهم بالمدارس التي يختارونها. لكننا نملك اماكن في بعض المناطق وسنحاول تمديد منشآتنا لتسع المزيد،” كما يقول السيد بيربونت.

إذن، مع عدد المدارس الكبير والأماكن التي لا تزال متاحة، لماذا يبقى أولياء الامور قلقين للغاية؟

“إنه العرض والطلب. يقوم الناس ببحثهم. يذهبون إلى موقع Expatwoman ويقرأون ما يقوله أولياء الأمور وظهور بعض المدارس على السطح،” بحسب السيد برايس.

بجانب التوصيات الشفهية، فإن السلطات التنظيمية تفتش المدارس وتقيمها، فمع دبي على سبيل المثال، تم تقييم 11 مدرسة كمدارس مميزة، ما يشجع أولياء الأمور للتقدم مبكرا للمدارس الأولى.

“لدي ابنة ذات 9 أسابيع وقمت بتسجيلها بينما كنت حاملا بها،” كما تقول السيدة هيلين بلاك، نائبة مدير مدرسة هوريزون بدبي.

بالنسبة لجيمس هولمز، وهو أب لطفل والمدير العام لاستشارات العلاقات العامة في مدارس أضواء الشرق الأوسط، فإن هذه إحدى أعراض المشكلة.

“بالنسبة إليّ، هذا ما يخلق الضجيج. خلق النظام تسلسل هرمي حيث يسعى أولياء الأمور وراء حفنة من المدارس ثم يُصابون بخيبة أمل مريرة عندما لا يتمكنون من تأمين مكان. بالنسبة لي، لا يهم إذا كانت رسوم الدخول 5000 درهم لأنه تعليم أطفالي، لذا سأقوم بالدفع لكن النظام غير متسق.”

السيد هولمز، والذي قام حتى الآن بالتسجيل في مدرستين لابنته ذات الـ20 شهرا، يريد نظاما إماراتيا واسعا يسمح لجميع أولياء الأمور بالتسجيل في الأماكن التي يريدون في نفس الوقت، ويختارون ما بين ثلاث اختيارات.

“إذا لم أحصل على أفضل مدرسة، حينها لدي خيار مدرستين أو ثلاثة لكن لا ينبغي أن أصل إلى الخيار الرابع، الخامس أو السادس وهذه هي الحالة التي نحن فيها،” يضيف السيد هولمز.

السيد برايس يحذر من أن اولياء الامور يواجهون معضلات مشابهة في المرحلة الثانوية حيث تعرض المدارس أماكن في أيام مختلفة.

في المرحلة الثانوية، لا يُتوقع أن يدفع أولياء الامور ما يصل إلى 500 درهم رسوم تسجيل لكن نسبة غير مسترَدة لرسوم الفصل الأول فور حصولهم على مكان، قد يكلفهم ذلك الآلاف.

“بعض المدارس الثانوية توفر الأماكن في نوفمبر ولذا فإنني سأدفع 4000 درهم ولكن هذا ليس خياري الاول، انها شبكة الامان بالنسبة لي،” كما يشرح السيد برايس. “المدرسة التالية تقدم لي مكانا في يناير، ولهذا هناك 4000 درهم أخرى، لكن المدرسة التي أريدها حقا سوف تقدم لي المكان في فبراير. إذا حصلت على ذلك المكان، فقد فقدت 8000 درهم. لقد تحدثت إلى عدد قليل من مديري المدارس الثانوية وسألت لماذا لا يستطيعون [جميعا] عرض الاماكن في نفس الوقت”.

مع عدم وجود خطة لإصلاح النظام، ما هو الحل لأولياء الأمور الآن؟

يقترح المغتربون توسيع شبكة المدارس التي يمكن لأولياء الأمور التسجيل فيها. بوجود 11 مدرسة مميزة في دبي واكثر من 50 تُقيّم كجيدة، يقول السيد برايس أن أولياء الأمور عليهم ليس فقط قراء العنوان المُعطى إلى المدرسة لكن بأن يحصلوا على تقرير كامل من السلطات.

“كل مدرسة من تلك المدارس التي تم تقييمها بالجيدة حصلت على تقييم مميز في تقريرها سابقا. لا تذهب فقط تلك التي حصلت على تقييمها المميز منذ ثلاثة أيام فقط،” كما يقول. عندما يأتي المفتشون، فإن لديهم العديد من العوامل التي يقيمون بناء عليها والعديد من هذه العوامل ليست مهمة بالنسبة لكل ولي أمر، لذا فإن قياس عملية الملاءمة يتم بالنظر من وجهة نظرك”.

أولياء الأمور الذين يسجلون لمجموعات المدارس الكبيرة لابد أن يسألوا أيضا الشركة المنظمة ما هي الخيارات الأخرى المتاحة.

“في مجموعة مدارس التعليم، فإن موظفي قبول الطلبات يعملون بالتنسيق سويا. إذا لم تحصل على مكان في إحداها، يمكننا تمرير الطلب إلى أخرى وسنقوم بالتوصية للمدارس التي نعرفها من خارج مجموعتنا” كما يقول السيد بيربونت.

وهناك أيضا فترة الانتقالات المدرسية لوضعها في الاعتبار. في مفهوم مماثل للدوري الممتاز، يمكن للآباء إلحاق طفلهم بمدرسة ما وإذا تم إتاحة مكان آخر في المؤسسة المفضلة لديهم قبل نهاية شهر يناير، فإنه مسموح لهم بالتبديل.

فور تخطي الموعد النهائي، لا يمكن إحداث أي تغييرات مجددا – ولكن النظام يعطي الاولوية للمغتربين الجدد القادمين إلى الإمارات.

“إذا كان مسؤولا تنفيذيا ومعه ثلاثة أطفال يصلون في إبريل بينما تغادر أسرة أخرى في نفس الوقت، لا يمكنني لمس قائمة الانتظار الخاصة بي لأنهم جميعا موجودون بمدارس أخرى ما يعني ان أطفاله الثلاثة يمكنهم السير فيها غدا،” كما يقول السيد برايس.

إلى الآن لا يبدو أن هناك إجابة سهلة لعملية يانصيب الالتحاق هذه.

في مركز باور، لا يقوم الفريق بالتدريس للقادمين الجدد الذين لا يمكنهم تأمين مكان مدرسي لكن أيضا هؤلاء الذين تم رفضهم أو لم يتمكنوا من اجتياز اختبار القبول بسبب عدم تحدثهم بالإنجليزية.

رسبَت طالبة واحدة في اختبار قبول مدرسة ريبتون ثلاث مرات بسبب أن لغتها الإنجليزية لم تصل لمستوى الصفر! نحن هنا كمركز تعليمي يعمل منذ 8ص إلى 2م كل يوم، قمنا بتدريس مستويات ثلاث سنوات في أربعة أشهر لها حتى استطاعت الاجتياز أخيرا،” كما يقول السيد باور. “لدينا تلميذ آخر تم إخراجه من المدرسة ويجاهد والداه للحصول له على أخرى. هناك الكثير من الأطفال مثل هذه الحالات الذين وقعوا تحت نظر الرادار ولم يعد لهم مكان يذهبون إليه.”