مصروف الطفل

في كل عام و مع بداية العام الدراسي الجديد يتكرر ذات السؤال لدى الأهل ” كم أعطي طفلي مصروفاً ” إلا أن بعضهم قد يتساءل حتى “لماذا أعطي طفلي مصروفاً ما دمت أوفر له ما يحتاج من المنزل” ؟
يتردد بعض الآباء في إعطاء المصروف لأبنائهم أو يؤخرونه قدر الإمكان جاهلين ما لهذا المبلغ من أهمية بالغة في إنشاء علاقة سليمة بالمال منذ الصغر، إضافة إلى انعكاس ذلك على المستوى النفسي والاجتماعي للطفل.

فما هي أهمية مصروف الطفل؟

  • يعتبر المصروف من أهم الطرق لإرساء قواعد السلوك المالي القويم في حياة الطفل و تعليمه ألف باء الثقافة المالية، فيتعلم تقدير قيمة المال بحسب الأشياء التي يمكنه الحصول عليها في المقابل، و كيف ينفق بحكمة، و يدخر جزءاً من ماله ويشارك جزءاً آخر منه مع الآخرين.
  • للمصروف دور فاعل في تحفيز الشعور بالاستقلالية والاعتماد على النفس وبالتالي تعزيز ثقة الطفل بنفسه و إثبات قدرته على اتخاذ القرارات الشرائية البسيطة الخاصة به.
  • المصروف فرصة لتعليم الطفل تحمل المسؤولية و حسن التصرف بالمال، و تطوير قدرته على التكيف ضمن حدود إمكانياته بعد أن يتعرف إلى أولويات الشراء و الفرق بين الحاجات و الرغبات.
  • وسيلة لتعليم الطفل أهمية الادخار ووضع الأهداف المالية مهما كانت بسيطة و قيمة الصبر وضبط النفس ، بالإضافة إلى أساسيات الميزانية البسيطة.
  • على المستوى الإجتماعي، يتعلم الطفل أهمية التعاطف و مشاركة الغير عبر قيمة العطاء؛ فالصدقة و التبرع للأعمال الخيرية و شراء هدية لصديق كلها من شأنها تعزيز قيم الخير في نفسه، وفي جانب آخر يتعلم معاني متعلقة بالمال مثل الأمانة ، وعدم الاقتراض إلا للضرورة مع رد المال فوراً ، و كيف يساعد الأصدقاء دون أن يتعرض للاستغلال .

متى نعطي المصروف؟

لا توجد إجابة قاطعة لهذا السؤال، إذ أن المصروف الذي يعطى للطفل بعد إدراكه معنى المقايضة، و كيف نحصل على الأشياء مقابل المال، و بعد تعلم مبادئ الحساب البسيط كالجمع و الطرح. فالمسألة تقديرية تعود إلى استعداد الطفل والوضع العام في البيت و المدرسة، إلا أن عمر الثامنة تقريباً يعد مناسباً للبدء بإعطاء المصروف.

كم نعطي مصروفاً ؟

يحدد المصروف حسب السائد، بحيث يكون كافياً لا زائداً عن الحد و لا قليلاً ومن ثم يشعر طفلك بالحرمان. لذلك يفضل تحديد قيمة المصروف بناء على عدة عوامل منها: عمر الطفل وحاجته خاصة إذا تم تغطية الكثير من متطلباته. كما أن إمكانيات الأسرة والبيئة المدرسية يؤثران في المبلغ المحدد للمصروف.

أخيراً، كيف نعطي مصروف الطفل؟

نبدأ بإعطاء المصروف يومياً مع توضيح طريقة التصرف السليمة بالمصروف للطفل؛ كيف تشتري و كيف يعدّ المبلغ الباقي و ماذا يفعل بالفائض إن وجد، و مع نضج التجربة و الزيادة في العمر نبدأ في إعطاء المصروف أسبوعياً وهنا تزداد أهمية إدارة المصروف، اذ يصبح على الطفل أن يضبط إنفاقه بحيث يكفيه المبلغ أسبوعاً كاملاً، ولا بأس إن فشل في البدايات، فهي فرصة للتعلم من الأخطاء، إذ أنه من الأفضل مواجهة الأخطاء باكراً بدلاً من رؤية ابنك يقع فريسة للديون في المستقبل.

و يزداد المصروف بزيادة عمر الطفل، فيعطى اليافعين و الشباب مصروفهم بشكل شهري إن رأيت أنهم بلغوا من الوعي الحد المطلوب مع المراقبة المستمرة والتوجيه الدائم.

من المهم إعطاء نفس المبلغ بنفس الموعد دورياً ليتمكن الطفل من إدارة مصروفه و التحكم في ميزانيته.و يتم تشجيع الطفل على عدم تجاوز إمكانياته في الإنفاق و إن أراد شيئا ما بقيمة أعلى فعليه أن يفكر كيف يدخر ليحصل عليه. فالتدليل الشديد مثل الحرمان الشديد، فكما أن الإفراط يعلم الطفل اللامبالاة و الإسراف و عدم تقدير قيمة المال، فإن الحرمان يُخشى أن يؤدي إلى السرقة و الكذب و الغش.