يعد قرار نهاية الخدمة والتقاعد أحد أصعب القرارات المهنية التي يمكن للموظف أن يتخذها، حيث أنه في الغالب قد يكون مرتب الموظف وصل إلى أقصى درجة ممكنة قبل التقاعد ، لذلك يمكن أن تكون الآثار المالية شديدة على حياته. فعادةً يبدأ معظم الموظفين التفكير في التقاعد في مرحلة الأربعينات، والواقع هو أنه كلما بدأ الشخص التفكير بهذا الأمر في وقت مبكر كلما كانت النتائج أفضل. حيث إن التخطيط المثالي لمسألة الانتقال من العمل بدوام كامل إلى فقدان الوظيفة والتقاعد يمكن أن ييسر تنفيذ هذا القرار بأفضل النتائج، لكن هناك عدة أمور يجب مراعاتها قبل اتخاذ القرار النهائي.

هل تمت تسوية جميع الديون؟

ليس من المنطقي على الإطلاق التفكير بالتقاعد قبل تسوية الديون أو على الأقل وضع خطة لتسويها خلال فترة التقاعد دون أن يؤثر ذلك على مبلغ الإنفاق الشهري المخصص لفترة التقاعد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بدء فترة التقاعد مع ديون صفر سيكون له أثر إيجابي كبير على مستوى المعيشة خلال فترة التقاعد، لأن عدم وجود ديون سيزيد من حجم المبلغ الشهري المخصص للإنفاق.
[مقالات ذات صلة: إدارة أمورك المالية في حال عدم وجود راتب شهري ثابت]

هل هناك مدخرات كافية لتغطية فترة التقاعد؟

قبل اتخاذ القرار النهائي بالتقاعد يجب القيام بعملية حسابية بسيطة لمعرفة ما إذا كان الوقت قد حان للتقاعد أم لا، وهذه العملية مرتبطة بحجم المدخرات، حيث يجب التأكد من المدخرات كافية لتغطية الأعباء المالية لكامل فترة التقاعد، مع الأخذ بعين الاعتبار عوائد الاستثمار أو الدخل الإضافي الذي قد يتم جنيه من أي عمل جزئي خلال تلك الفترة. وقبل حساب المدخرات يجب أولاً تحديد مبلغ الإنفاق السنوي الذي يلبي الاحتياجات ومستوى الحياة الذي يطمح إليه الشخص خلال فترة التقاعد، إذ يفضل أن يساوي حجم المدخرات 25 ضعف ذلك المبلغ، فإن لم يكن كذلك عندها من المستحسن تأجيل التقاعد أو البحث عن طريقة لسد النقص.
[قارن بين الحسابات البنكية في السعودية]

هل يوجد تأمين صحي لتغطية نفقات العلاج خلال التقاعد؟

من المعروف لدى الجميع بأن تكاليف الرعاية الصحية باهظة الثمن، لذلك عند التفكير بالتقاعد يجب عدم إغفال موضوع التأمين الصحي، والمقصود هنا ليس فقط التأمين الصحي الخاص بالشخص الذي ينوي التقاعد بل ويجب الأخذ بعين الاعتبار المعالين أيضاً. فإذا كان الشخص الذي ينوي التقاعد يعاني من مرض مزمن أو يقوم باتباع برنامج علاجي طويل الأمد ذو تكلفة كبيرة أو مسؤول عن تغطية نفقات علاج أحد أفراد الأسرة من خلال مزايا التأمين الصحي الحالي، عندها يجب التفكير بالتكاليف الباهظة لهذا العلاج إذا ما فقد هذه المزايا وما إذا كان بمقدوره فعلاً تحمل تكلفة التأمين الصحي الذي يغطي مثل هذه النفقات قبل اتخاذ القرار النهائي بالتقاعد.

هل هناك حقاً استعداد نفسي للقيام بهذه الخطوة؟

يعتبر اتخاذ القرار بالتقاعد من أصعب القرارات في حياة أي شخص، إذ أن العمل والإنتاج مرتبط دائماً بالشعور بالرضى عن النفس، لذلك لابد من أن يتحلى الشخص المقدم على هذه الخطوة بالصبر والقدرة على التأقلم مع واقع الحياة الجديدة بدون العمل بدوام كامل، إذ يقول الأطباء بأن كثير من الناس يشعرون بالاكتئاب بعد التقاعد لأنهم يشعرون بالحنين لحياتهم المهنية السابقة، وللتغلب على هذا الشعور يجب على هؤلاء وضع خطة لكيفية قضاء أوقاتهم.

هل هناك استعداد للعمل الجزئي خلال فترة التقاعد؟

عندما تكون المدخرات غير كافية لتغطية كامل النفقات خلال فترة التقاعد أو لتلبية جميع المتطلبات التي يرغب الشخص الحصول عليها خلال تلك الفترة يجب على الشخص البحث عن بدائل لتعويض النقص، وفي مثل هذه الحالات فإن العمل الجزئي من الخيارات الأكثر شيوعاً بين المتقاعدين، يمكن للمتقاعد العمل من المنزل بمهام لا تحتاج للذهاب إلى مقر العمل أو العمل بوظيفة استشارية من خلال استغلال خبرة سنوات العمل السابقة لتحقيق دخل لا بأس به، فإذا كان الشخص مستعداً للعمل أثناء التقاعد فإن عدم كفاية المدخرات قد لا يكون عائقاً كبيراً أمام المضي قدماً في اتخاذ القرار.

هل فكرت يوماً بخوض التجربة فعلياً؟

تنصح بعض المؤسسات المتخصصة بالأبحاث المالية الأشخاص المقدمين على التقاعد بعيش التجربة بالفعل، إذ يتعين على هؤلاء قبل اتخاذ القرار النهائي تجربة حياة التقاعد لمدة عام من خلال إنفاق المبلغ المتوقع للتقاعد وقياس مدى قدرتهم على تحمل ذلك، عندها يمكن معرفة ما إذا كانت الحسابات واقعية أم لا.

هل تم طرح فكرة الاستعانة بمستشار مالي؟

قد يكون من الصعب على الشخص غير المتخصص بالشؤون المالية الإلمام بجميع الأمور المالية التي يجب التخطيط لها قبل اتخاذ القرار بالتقاعد، لذلك من المستحسن الاستعانة بمستشار مالي معتمد يقوم بحساب مقدار الدخل الثابت خلال مرحلة التقاعد، ومكافأة نهاية الخدمة، وحجم العائد من الاستثمارات الحالية، والالتزامات المالية الحالية، وغيرها من عناصر الدخل والإنفاق بشكل دقيقة، مما سيساعد على معرفة ما إذا كان الوقت مناسباً للتقاعد أم لا.

أخيراً يمكن القول بأن قرار التقاعد مرتبط بشكل مباشر بحجم المدخرات التي يمتلكها الشخص في سن معينة بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي ذكرناها، ولكن يبقى الادخار هو العامل الأبرز الذي يدعم اتخاذ هذا القرار، لذلك كلما كان الإنفاق خلال فترة الإنتاج أقل، سواء على السكن والسيارات والإجازات الترفيهية وغيرها، كلما زاد حجم الادخار الذي سينفقه الشخص خلال فترة التقاعد، فالأمر يتعلق بخفض نفقات المعيشة خلال فترة الإنتاج حتى يتمكن المرء من ادخار مبلغ جيد ينفقه خلال فترة التقاعد.