بريطانيا هي عضو أساسي في الاتحاد الأوروبي منذ نشأته فعلياً عام 1973 وتمثل قوة سياسية واقتصادية كبيرة، إلا أن المواطنين البريطانيين شعروا بأن بقاءهم في الاتحاد يمثل عبئاً اقتصادياً عليهم، فتعالت الأصوات في السنوات الأخيرة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي لأسباب أهمها: تدفق المهاجرين من أوروبا الشرقية إليها، ما أثر سلباً في المجتمع نفسه، إلى جانب المبالغ الطائلة التي يدفعونها ضريبة للاتحاد الأوروبي تصل إلى 350 مليون يورو أسبوعياً، من دون أدنى فائدة تعود على المواطن البريطاني من وجهة نظرهم، وهي بالطبع وجهة نظر يشكك بها المساندون للبقاء في حين أن المتحكم في قرارات الاتحاد هي دول منطقة اليورو الذي رفضت بريطانيا الانضمام إليه محافظة على عملتها الأصلية بالجنيه الإسترليني. ولكن مع ذلك تبقى بريطانيا ذو ثقل سياسي كبير خاصة بعلاقتها المتميزية والوطيدة مع الولايات المتحدة.

وبعد أن أعلنت بريطانيا النتائج الرسمية للإستفتاء مواطنيها (بنسبة 72 في المئة) على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، التي أظهرت تصويت 52% من الناخبين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد، مقابل 48% منهم لصالح البقاء فيه، أثارت الكثير من التساؤلات حول تأثير هذا القرار على الإقتصاد العالمي وبالفعل أثر التصويت بطريقة سلبية على الاقتصاد البريطاني، وأحدثت صدمة للاقتصاد العالمي، تظهر بوادرها في تراجع أسواق المال العالمية في الفترة التي تلت تصويت البريطانيين.

أثر البريكزيت (BREXIT) على الإقتصاد البريطاني

انخفضت قيمة الجنيه بشدة عندما تبين أن بريطانيا في طريقها للانسحاب من الاتحاد، وخسر في أحد الأوقات نحو 10 في المائة من قيمته، ووصل إلى أقل مستوى له منذ 31 عاماً، ومن المتوقع أن يبقى الجنيه منخفضاً على المدى المتوسط، وهذا يعني زيادة تكلفة شراء السلع والخدمات من الخارج وبالتالي زيادة التضخم، وعلى النقيض ستصبح السلع البريطانية التي تُباع للدول الأخرى أقل سعراً للمشترين.

أثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الإقتصاد السعودي

أن العلاقات التجارية بين السعودية ودول الخليج من جهة وبريطانيا من جهة أخرى تُعد علاقات محدودة، وأن الاتفاقات الموقعة مع بريطانيا لن تتأثر، لأنه تم توقيعها خارج إطار الاتحاد الأوروبي، فالاقتصاد البريطاني هو المتضرر الرئيس من الخروج، ومن المبكر الحكم على حجم الأثر، وما يحدث الأن هو مبالغات يقودها المضاربون.
أما بالنسبة للسعودية خاصة، فإنها ستستفيد من انخفاض تكلفة الواردات من بريطانيا ودول اليورو، في ظل ارتفاع الريال المربوط بالدولار، أمام العملتين، فقد بلغت واردات السعودية من المملكة المتحدة العام الماضي 5.01 مليار دولار، حيث احتلت بهذا الترتيب العاشر بين أكثر الدول المستورد منها، مقابل 4.6 مليار دولار في 2014، بزيادة 8.8%، أما صادرات السعودية للمملكة المتحدة بلغت 1.8 مليار دولار، حيث احتلت بها الترتيب 23، مقابل 2.54 مليار دولار في 2014، بنسبة تراجع 27.7%.تراجع التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 4.2%، إلى 6.85 مليار دولار، مقابل 7.15 مليار دولار في 2014.
فالتبادل التجاري بين السعودية وبريطانيا محدود، لكن الواردات حالياً ستصبح أرخص في ظل تراجع الجنيه الاسترليني واليورو أمام الريال السعودي، بسبب ربط العملة السعودية بالدولار الأمريكي المرتفع مقابل الاسترليني.

وفيما يتعلق باستثمارات السعودية في السندات البريطانية، فإن السعودية تستثمر عادة في السندات عديمة المخاطر ويتم إدارة الاستثمارات بحسب مخاطر كل دولة، واستثمارات السعودية في السندات البريطانية قليلة، لذا الأثر الأكبر قد يكون على استثمارات الأفراد السعوديين والخليجيين بسبب تراجع الجنيه الاسترليني الكبير، والتراجع المتوقع لأسعار العقارات التى يستثمرون بها في بريطانيا، ولا ننسى أن حوالي 30 ألف بريطاني يعمل في المملكة، في حين يسافر الى بريطانيا آلاف المواطنين السعوديين للسياحة والدراسة أو القيام بأعمال تجارية.
وبالتالي تتابع مؤسسة النقد العربي السعودي تطورات الناتجة من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي منذ فترة، تحوطاً لما قد يكون عليه من أثر على أسواق المال.