مع كافة الامتيازات التي نحظى بها في حياتنا، قد يكون من الصعب تعليم أطفالنا قيمة المال. ومع البيئة الحالية التي تُمطرنا دائماً بإعلانات عن اللعبة أو الجهاز الذي يجب اقتناؤه تالياً، قد يكون من الصعب إرشادهم بشأن قيمة المال. من الممكن لتعليم أطفالك إدراك قيمة المال أن يساعدهم كثيراً في إدارة أموالهم عندما يصبحوا راشدين.
قم باتخاذ الخطوات التالية
ينبغي على الآباء تعريف أطفالهم بالمال في عمرٍ مبكر. العب معهم عندما يكونون صغاراً ألعاباً تُعرّفهم بمفهوم المال. وبين سن الثالثة والخامسة، يُمكنك القيام بألعاب تتظاهر فيها أنك مالك متجر وبأنّ أطفالك بحاجةٍ إلى المال لشراء السلع. وعندما يتعلمون العدّ، أدخل المال في المعادلة وبيّن لهم الفرق بين النقود المعدنية والورقية.
في مقابلة حديثة أجرتها قناة CNBC، اعتقد وارين بافيت أيضاً أنّ الآباء يرتكبون خطأً شائعاً يتمثّل في عدم تثقيف أطفالهم حول المال في عمرٍ مبكر. وقام بشرح كيف قام والده بتثقيفه حول المال في عمرٍ مبكرٍ، الأمر الذي ساعده على الوصول إلى مكانه اليوم.
لذلك، من المهم بالنسبة إليهم أن يدركوا بأنّ الأشياء لا تأتي مجاناً ويجب علينا شراؤها من أجل امتلاكها. إحدى الطرق لفعل ذلك هي التحدث مع أطفالك حول وظيفتك. اشرح لهم ما تفعله، ولماذا تفعله، وكيف أنّ كسب المال يُشكّل فرقاً في حياة كل منكم. ويمكنك أن تشرح لهم مهناً أخرى خلال نزهة في المتنزه أو زيارة سريعة إلى المركز التجاري.
أحاجةٌ هي أم رغبة؟
إنّ مساعدة أطفالك في تمييز الحاجة من الرغبة أمر أساسي لجعلهم يدركون قيمة المال. سيساعدهم التمييز بين الأمرين على التوفير ووضع موازنة لمستقبلهم. يمكنك البدء مبكراً من خلال قصّ صور لأشياء مختلفة وتطلب منهم تقسيمها إلى حاجات أو رغبات. خلال يوم لعب عادي في المنزل، أُطلب منهم تصنيف الأشياء المختلفة إلى حاجات ورغبات. هذا نشاط ممتاز لفهم طريقة تفكير طفلك.
ويمكنك أيضاً استخدام هذا الدرس عبر اتباع نهجٍ آخر عندما يطلب أطفالك لعبةً ما. بدلاً من إعطائهم الرد المعتاد “لا” أو “لا يمكننا تحمّل كلفتها”، ذكّرهم بالفرق بين الحاجة والرغبة واشرح لهم كيف أنّ هذه تمثل إحدى تلك الحالات.
فهم المصاريف
عندما يدرك الأطفال مفهوم المال جيداً، عادةً بين عمر السادسة والعاشرة، يمكنك البدء بتعليمهم حول التخطيط المالي والتوفير والإنفاق. اصطحبهم إلى البنك أو عند تسديد الفواتير، حيث يمكنهم أن يروا بأنفسهم أنّ الحصول على المتطلبات الأساسية مثل الكهرباء والمياه له ثمنه. بينما يُبيّن لهم تسوّق المواد التموينية أهمية وضع التخطيط المالي والتوفير من خلال العروض. وعند زيارة أحد المطاعم مع العائلة، دعهم يقومون بحساب وتوزيع المال عندما تصل الفاتورة كتجربة يتعلمون منها.
اجعلهم يحضرون الاجتماعات المالية للعائلة، حيث يمكنهم فهم كيف توضع ميزانية المنزل. من خلال هذه الطريقة، ستعلمهم أيضاً أهمية التخطيط المالي. وخلال الإجازات أو الرحلات، اشرح لهم كيف استطعتم تحمل تكاليف الرحلة من خلال التوفير من أجل الرحلة.
إذا كنت في المركز التجاري، علّم أطفالك كيفية مقارنة الأسعار في المتاجر المختلفة. على سبيل المثال، إذا كنت تريد شراء جهاز تلفازٍ جديدٍ للمنزل أو حاسوب محمول جديد، بيِّن لهم كيف أنّ الأسعار تختلف من متجرٍ لآخرٍ وكيف يحصلون على سعرٍ جيد.
وبنفس صعوبة قول كلمة “لا” لطفلك، تكمن الحاجة لقولها من وقتٍ لآخر لجعله يفهم قيمة المال. ولكن ذلك لا يعني أنّ طفلك لا يستحق الحصول على الشيء الذي يريده. وإذا لم تكن قد خصصت مصروفاً لطفلك بعد، اطلب منه كتابة قائمة أمنيات بالأشياء التي يرغب في شرائها في المستقبل. ثم اطلب منه القيام بالأعمال المنزلية أو أنشطة أخرى وادفع له المال بعد القيام بها بنجاح. بيّن له أنه إذا ادخر المال، سيصبح قادراً على شراء الأشياء الموجودة على قائمة أمنياته.
الاستمتاع أثناء التدريس
لا ينبغي أن تكون عملية التدريس مملَّة، يمكنك جعلها ممتعة. حاول إخبارهم بقصص حول أشخاص انتقلوا من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش، لا سيّما إن كانت قصة عن والدك أو أحد أقربائك. إنها طريقة ممتازة لتقوية العلاقة مع طفلك واطلاعه على خلفية عائلته. وحتى يمكنك أخذهم في رحلة إلى المكان الذي نشأ فيه العمل وكيف نما.
هنالك أيضاً الكثير من المواقع الإلكترونية التي تقدم ألعاباً وأفلاماً ممتعة لتثقيف الأطفال حول المال وكيفية التخطيط والتوفير. وإلى جانب الإنترنت، هناك الكثير من كتب الأطفال التي تؤدي الغرض نفسه من خلال سرد القصص.
نعلم جميعاً أنّ الأطفال يعيشون عالةً على المعيل، وأفضل طريقة لتعليمهم على الأرجح هي من خلال تصرفاتنا كآباء. ولذلك، علّمهم من خلال أفعالك كيفية توفير المال ووضع الميزانية والإنفاق.
