هيمنت على عناوين الصحف في الأسابيع الأخيرة الأنباء عن خطط الحكومة الفيدرالية حول فرض ضريبة القيمة المضافة VAT وضريبة الشركات في دولة الإمارات، وجاءت التقارير الأولى لهذه التحركات في أغسطس، ولكن ما تأثير ذلك على المقيمين في دول الإمارات العربية المتحدة؟

تفسير مفهوم ضريبة القيمة المضافة وكيفية تطبيقها

يستخدم مصطلح VAT بشكل كبير في أوروبا، وهو المصطلح الأكثر فهماً ووضوحاً كأحد أنواع الضرائب الاستهلاكية، أو ضرائب المبيعات، والتي يتم تطبيقها على القيمة المضافة للسلع حال تحركها خلال فترة الشحن وصولاً إلى المستهلك النهائي.
وعلى الرغم من فرض ضريبة القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الشحن، إلا أن المستهلك هو الذي يتحمل العبء الأكبر من الضريبة، ذلك لأن هذه الضريبة تنعكس بشكل كبير على سعر الشراء.

ويعني ذلك أن جميع السلع والمنتجات ابتداءً من المواد الغذائية التي تقوم بشرائها من محلات البقالة حتى قيامك بشراء جهاز أي فون جديد سوف تزداد أسعارها، وذلك لأن الموردين والبائعين سوف يحرصون على تحميل التكلفة الزائدة على السعر النهائي لضمان حصولهم على هامش الربح الذي يسعون إليه. ومع ذلك، وطبقاً لمقترحات الدولة، لن تُطبق ضريبة القيمة المضافة على السلع الأساسية والضروريات، ولكن سوف يتم تطبيقها على السلع الفاخرة والكحوليات والتبغ فقط.

على الجانب الآخر، فإن ضريبة الشركات هي ضريبة يتم فرضها على المؤسسات والشركات وليس على الأفراد، وهي عبارة عن ضريبة تُفرض على أي ربح يتم تحقيقه من خلال تلك المؤسسات أو الشركات. وسوف تعمل الخطة التي أعدتها وزارة المالية على متابعة الضرائب التي يتم فرضها على كل من الشركات المحلية والعالمية – وهو ما يعد قيد التطبيق فعلياً في القطاع المصرفي.

ما هو الغرض من فرض هذه الضرائب؟

إن المقدمة المقترحة لضريبة القيمة المضافة ليست مفاجأة. فقد عكفت دول مجلس التعاون الخليجي على مناقشة هذه الضريبة قبل الأزمة المالية، وفي الوقت الذي اعتقدت فيه دول مجلس التعاون الخليجي أن فرض مثل هذه الضرائب سوف يعوض بعض المشكلات والعقبات، فقد أصبحت هذه الضرائب ضرورة حتمية بعد انهيار سعر النفط – حيث هبط سعر البرميل من 115 دولاراً في عام 2014 إلى ما يقرب من 45 دولاراً حالياً.

ومع تضرر الإيرادات الحكومية بعد انهيار أسعار النفط، فقد حث صندوق النقد الدولي دول مجلس التعاون الخليجي على إدخال ضريبة القيمة المضافة لإعانة المنطقة على بناء اقتصاد أكثر قوة من خلال الاتجاه في مسارات اقتصادية أخرى بعيدة عن النفط والغاز. لذلك، وفي حالة التقدم إلى الأمام في خطة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصدد، فسوف يتم اعتبارها أولى دول مجلس التعاون الخليجي تطبيقاً لأحد أوسع أنواع الضرائب غير المباشرة على الاستهلاك.

كيفية تأثير ذلك على المتواجدين بالدولة

مما لا شك فيه أن فرض مثل هذه الضرائب سوف يغير من نظرة العالم إلى دولة الإمارات. فعلى مدار عقود من الزمان، كانت الإمارات بمثابة الملاذ للباحثين عن الإعفاءات الضريبية – حيث كان المغتربين يحققون أرباحاً أكثر مما كان يُمكنهم تحقيقه في مواطنهم بفضل خضوعهم لضرائب بسيطة وخفيفة مثل ضريبة بطاقات سالك، ضريبة السياحة، وضرائب الوقود الأخرى والتي تمت إزالتها مؤخراً.

أما ضريبة القيمة المضافة فسوف تؤثر على الجميع حيث أنها تُطبق في نقطة البيع ذاتها. يتنبأ الخبراء في هذا الخصوص على المدى القصير بانخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي تراجع النمو، ولكن إذا تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع الغير أساسية والسلع الفاخرة فإن ذلك يعني أن المستهلك سوف يتأثر فقط بنمط الاستهلاك الخاص به، بما يعني أن أولئك الذين يعشقون اقتناء حقائب اليد الفاخرة هم الذين سيعانون بشكل كبير.

كذلك هناك عامل هام يجب أخذه في الاعتبار وهو معدل ضريبة القيمة المضافة المُطبَّق. ففي المملكة المتحدة، يتكبد المستهلكون نحو 20%، وإذا تم تطبيق ذلك المعدل في الإمارات فإن العاملين سوف يطالبون بزيادة في الأجور لتعويض التضخم في الأسعار. ولكن لنقل أن الحكومة سوف تقوم بتطبيق معدل أكثر تواضعاً 3% – فهذا المبلغ البسيط يمكن تدبيره عن طريق اقتطاع بسيط من نمط آخر من أنماط الإنفاق.

أما بالنسبة للشركات، سوف يكون التأثير متعدداً، فالمساهمين الذين سوف يلاحظون انخفاض عوائدهم بسبب قيام الحكومة باقتطاع جزء من تلك العوائد، سوف يحرصون على إيجاد وسيلة لإعادة تحسين عوائدهم من جديد – وقد يكون ذلك من خلال قيام المؤسسات بتخفيض أو اقتطاع الزيادات السنوية في رواتب العاملين، أو قد يكون من خلال رفع قيمة السلع والخدمات التي تقدمها تلك الشركات لتعزيز مستوى الإيرادات، مع محاولة الحفاظ على مستوى التكاليف.

وفي النهاية فإذا وصل تأثير ضريبة القيمة المضافة على الرغبة الإنفاقية لدى الافراد للحفاظ على أسلوب ونمط حياتهم ومدخراتهم، فإن ذلك سوف يؤدي إلى اتجاه القيادات العاملة في الوظائف العليا إلى الهجرة بحثاً عن أجور أعلى لتعويض هذه الزيادات. ولكن البعض سوف يكتفي بتكبد الفروقات والاستمرار في حياته على وضعها الجديد.

ويظل الحديث هنا بمثابة توقعات وتأملات حتى يتم كشف المزيد من التفاصيل الدقيقة، ومع ذلك، فإنه أمر هام يستحق الاهتمام الكبير فأي ضريبة يتم تطبيقها سوف تساهم في بناء اقتصاد أقوى لدولة الإمارات -وفي نفس الوقت فإن ذلك سوف يعود بالفائدة على أي شخص يختار العيش في هذه البلد.